كنا / متابعات
يعيش لبنان حالة من الترقّب الثقيل لما يمكن أن تُقدم عليه إسرائيل، وذلك غداة حادثة مجدل عين شمس في الجولان المحتل، إذ إنّ الساعات الـ 48 القادمة ستكون حاسمة ومفصلية، وفق معلومات أبلغها المحلل السياسي والكاتب الصحافي وجدي العريضي لـ"إرم نيوز"، بأنّ "وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب توصّل إلى خلاصة مفادها أنّ العملية العسكرية الإسرائيلية ستكون محدودة، وقد تأتي على غرار ما حصل بين إيران وإسرائيل".
ولدى سؤاله عن احتمال نشوب حرب في لبنان، قال العريضي إنّ "إسرائيل ليست بحاجة إلى حادثة مجدل عين شمس أو أيّ حادث أمني أو أيّ معطى سياسي، من أجل شنّ اعتداءات على لبنان"، مستذكرًا أنّه "في العام 1982 قتل السفير الإسرائيلي في لندن، وكان ذلك بمثابة ذريعة لإسرائيل كي تجتاح لبنان، وتدخل أول عاصمة عربية حينها".
ما تداعيات حادثة مجدل عين شمس على لبنان؟
وتابع العريضي: "أمّا بالنسبة لتداعيات حادثة مجدل عين شمس، فإنها جاءت في توقيت ومضمون له دلالاته، إنْ على صعيد زرع فتنة سنية – شيعية، أو بشكل خاصة فتنة درزية - شيعية لا سيما أنّ الغالبية من سكّان مجدل عين شمس هم من الطائفة الدرزية - تلك البلدة السورية احتلتها إسرائيل العام 1967 – وثمّة تواصل بين دروز مجدل عين شمس وسوريا ولبنان، لكن إسرائيل دخلت على الخط بعد موقف الدروز الموحّد لقطع الطريق على تل أبيب من أجل عدم القيام بأي خرق لذلك التوافق".
لكنّه شدّد على أنّ "التداعيات ستكون كبيرة على أكثر من مستوى، إذ إنّ البعض سيدخل على الخط لزعزعة الوضع داخل الطائفة الدرزية، ومن ثمّ يكون ذلك بمثابة ذريعة لإسرائيل كي تنفّذ عملية عسكرية على لبنان".
وقال: "من خلال معلوماتي ومعطياتي، وقد اتصلت بوزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب قبل ساعات، وقيل لي إنّ الوزير توصّل إلى خلاصة مفادها أنّ العملية العسكرية الإسرائيلية ستكون محدودة، وقد تأتي على غرار ما حصل بين إيران وإسرائيل، على قاعدة التعادل الإيجابي؛ لأنّ الحرب الشاملة تثير قلقًا لدى إسرائيل، وتُعتبر مغامرة غير محسوبة في ظل قوّة الردع التابعة لحزب الله، وبمعنى آخر باتت هناك معادلة في السلاح النوعي أكان لدى إسرائيل أو لدى حزب الله".
جبهة الشمال تنذر بإشعال المنطقة
وأضاف العريضي: "كذلك في حال قامت إسرائيل بشنّ حرب شاملة على لبنان، فذلك يعني أنّ الساحات كلها من الجولان إلى اليمن وصولاً إلى العراق سوف تشتعل، وبناءً عليه فإنّ وزير الخارجية اللبناني عندما تباحث مع وزيري الخارجية الأمريكي والفرنسي كان له موقف واضح بأنّ لبنان لا يتحمّل أيّ ضربة، فتمّ الرد عليه بأنّ فرنسا ستقوم بدور كبير والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتولى شخصيًا تلك الاتصالات لمنع الحرب الشاملة".
ورأى أنّ "هناك 48 ساعة مقبلة ستكون حاسمة في لبنان، واستنادًا إلى معلومات، فإنّ إسرائيل قد تلجأ إلى ضرب منشآت مدنية وحيوية لتقليب الرأي العام اللبناني على حزب الله، أو لشل الحركة في لبنان، أو أنّها ستُقدم على قصف خارج بيروت والضاحية الجنوبية، بمعنى آخر أنّ هناك أكثر من سيناريو تمّ اتخاذه في اجتماع الحكومة الإسرائيلية".
وأشار إلى أنّه "بناءً على معطيات، فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقبل حادثة مجدل عين شمس، كان يسعى إلى أخذ الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية من أجل شنّ عدوان على لبنان وإعادة أهالي المستوطنات إلى منازلهم – هناك نحو 100 ألف نازح إسرائيلي ونحو 300 ألف مهجّر - ما يعني أنّ الأوضاع على الحدود الشمالية، أو في غزّة لن تنتهي على البارد، بل على الحامي، تعقبها عندها هدنة وربّما مفاوضات".
الاحتمالات كلها واردة
ولفت العريضي إلى أنّ "لبنان يعيش مرحلة مفصلية، خاصة أنّ المعلومات وبالاستناد إلى أرقام مكاتب الحجوزات والسفر في لبنان، تفيد بأنه تمّ تقديم نحو 150 ألف حجز خوفاً من إقفال المطار في حال تعرضه لأيّ ضربة إسرائيلية".
وفيما الاحتمالات كلها واردة، أكّد أنّ "الأسوأ في الأمر يكمن في أنّ إسرائيل لا تستمتع إلى الاتصالات الدولية، ولبنان هو الحلقة الأضعف؛ وبالتالي سيدفع الثمن من خلال ضرب منشآت مدنية وحيوية، لكن كل الاتصالات الديبلوماسية تحت السقوف ومتفق عليها، بمعنى أن تكون عملية إسرائيل العسكرية ربّما لساعات أو لأيّام، ما يعيد إلى الأذهان حرب الأيّام الستة بناء على ما قاله سفير أوروبي في مجالسه بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي سيأخذ الضوء الأخضر من الأمريكيين، ولبنان والمنطقة سيتحولان إلى ورقة انتخابية أمريكية، فيما لم يسبق في تاريخ واشنطن أن تخلّت عن تل أبيب، لكن بعد تلك الضربة تتحرك الديبلوماسية لضبط الوضع وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه".
ما تداعيات الحادثة على العلاقة بين الدروز والشيعة؟
وعن تداعيات ما جرى في مجدل عين شمس على العلاقة بين الدروز والشيعة، قال العريضي إن "ذلك ما سعت إليه إسرائيل لناحية العمل على زرع الشقاق بين الطائفتين الدرزية والشيعية، دون إغفال ما حصل بينهما العام 2008 إذ كانت الأمور آنذاك صعبة ومعقّدة، لكن في الآونة الأخيرة كان هناك حوار وتفاهم، وبالتايل ردّ الدروز بعد عملية مجدل عين شمس كان واضحاً لناحية قطع الطريق على إسرائيل".
وتابع أنّ "الخوف والقلق يكمنان في محاولة إسرائيل لزرع الشقاق عبر أيّ عمليات استخباراتية غير متوقعة وتنفيذ اغتيال ما أو دخول البعض على خط الفتنة، لذلك ووفق معلوماتي، فإنّ اتصالاً جرى بين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، بالتوازي مع لقاءات يقوم بها الوزير السابق وئام وهّاب، من أجل تأكيد وحدة الصف وتثبيته، مع إجراء اتصالات مع الشيعة في الوقت نفسه، لكنّ اللعبة باتت اليوم مفتوحة على الاحتمالات كلها".