"موكب عشاق الحسين عليه السلام "
بقلم : حيدر المنصوري
تتعدد الفعاليات في أيام شهر محرم الحرام وعلى وجه الخصوص في العشر الأوائل منه ، حيث ذكرى شهادة رمز الإنسانية، وعنوان الفداء، ومصداق التضحية، وقائد الإصلاح بما يحمل من قيمة عليا سامية ، الإمام الحسين عليه السلام ، وجمع من آل بيته واصحابه .
وتتنوع تلك الفعاليات التي تتفق في مقصدها بخدمة الإمام الثائر ، وابراز مظلوميته ونبل أهدافه وخلود ثورته وكمال مقاصدها.
وبما لايقبل الشك ان مقدمات الثورة الحسينية ومخرجاتها اثبتت تكامل مشروعها في جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العسكرية ، بالإضافة الى جوانبها الفكرية والروحية والفلسفية والإعجازية، فهي من شرعن الموت من اجل الحياة، بعد ما اريد للفساد ان ينمو في الهوية الاسلامية وانحرافها.
ولا أريد هنا أن ابتعد أكثر عن مقصدي لاني لست بصدد تناول الواقعة بقدر ما اود تسجيل اعجابي في اخطر فعاليات إحياء الذكرى ، وهي المحاضرات الفكرية في طرح قضية الإمام الحسين "عليه السلام" في محتواها واسلوبها العصري ، حيث تعمل على صناعة رأي، وترسيخ قناعات فكرية تنعكس في السلوك الإنساني ،كما انها تطور القدرة الادراكية والفهم المعرفي لأصل القضية المطروحة في باب بحث المحاضر.
فهي تعمل على محاكاة العقول من خلال الخطباء والمحاضرات لاصحاب الاختصاص والبحث، و تحرك رغبتها في التمعن والتدبر والتفكر لاستخلاص المعلومة النقية من شوائبها الحكواتية المبتعدة عن اساس المعرفة او قاعدة السند.
وهنا أود الإشارة إلى المحاضر الذي يرتقي منبر الفكر الحسيني في" موكب عشاق الحسين عليه السلام" في الأبلة/البصرة، الدكتور الشيخ رضا المالكي ، لجمال طرحه، وسلاسة تركيبه للأحداث في اطارها التاريخي الحدثي والزمني، وحرصه على تصحيحها بأدب حواري يتناغم مع قصد المعرفة وابعادها عن شائبة الحكاية السمعية، وهذا ما يولد القناعة بما يطرحه بعيدا عن الإساءة لمن تناول المعلومة قبله دون معرفة.
كما أن الشيخ المالكي، يبدع في المقارنة والمقاربة في طرحه الأفكار او تناوله الأحداث بوقائعها او شخوصها ، بأسلوب الربط الموضوعي دون الاكتراث إلى التقليد الاستهلاكي المكرر في توزيع معلوماته المستهدفة للجمهور، في مقدمة بحثه او متن البحث او خاتمته، ما يجعله يركن الى بعد الاختلاف عن غيره ممن سمعناه من قبل.
وقد استطلعت رأي بعض الذين اعرفهم من الحضور في المجلس ممن يعمل في الحقل الثقافي، وقد طابقوني الرأي وأكثر.
وما تجدر الإشارة اليه ومن باب الإعجاب بأسلوب الشيخ رضا المالكي، كمتلقي وليس من باب التقييم لا سامح الله ، فإنه يستخدم عملية كسر الجمود مع الحضور من خلال طرح الأسئلة التشاركية، وهذه من طرائق التدريب والتأهيل العلمي الحديث.
كما ان سماحته يستخدم خلال محاضراته اسلوب العصف الذهني في سوق المعلومة ما يجعل ذهن المتلقي مرتبطا مع سياق المحاضرة باكملها دون انقطاع الاتصال، وهذا ما يستخدم بالإعلام"فن الإتصال المباشر" مع الجمهور من أجل السيطرة على ذهنية المتلقي وتهيئته لاستقبال المعلومة الأهم التي يريد ان تذهب للعقول لا لفضاء الجلسة.
وأن هذا الأسلوب المهم يثير الفضول الإيجابي لدا المتلقي ما يجعله يتصفح ذاكرته، ويبحث في بطون المصادر لاستحضار المعلومة التي ينوه عنا الشيخ رضا المالكي، في بداية المحاضرة او نهايتها ، بغية الاستعداد لمحاضرة اليوم التالي.
وهناك الكثير من الأمور التي يمكن الإشارة إليها ومنها، رصانة البحث وقيمته المعلوماتية واختصار المحاضرة لابتعادها عن السرد المتكرر الذي يستخدمة بعض الخطباء ما تسبب بعزوف البعض عن حضور مجالسهم، الى جانب ثراء محاضرات الشيخ رضا المالكي بالاستدلال المنطقي والعلمي ،والتصريف البلاغي والتركيب اللغوي ، ما يجعل محاضراته في غاية الأهمية والفائدة والاقناع.
وفي الختام ومن باب الاختصار لابد أن أشير إلى تواضع شخصه وسماحته مما يجعله في قدرة استحواذية على اجواء المجلس، وهذه من أبرز الصفات المهمة التي يجب توافرها في الخطيب المحاضر ، اسأل الله ان يوفقه لخدمة الدين والمجتمع وقضية الإمام الحسين" عليه السلام" ، وان يديم عليه هذه النعمة، وأن يلتفت اصحاب الشأن الى ضرورة تواجده الإعلامي من خلال الظهور عبر الفضائيات لما لذلك من فائدة ومصلحة عامة، والله من وراء القصد .
مأجورين ان شاء الله و وفقكم الحسين عليه السلام وحفظ الشيخ رضا المالكي
ردحذف