أحدث الاخبار

المعاناة المنظمة

وكالة صوت المراة
0

كنا /عبير الشمري
كثيرة هي القصص والروايات التي تتحدث عن الجريمة المنظمة، وعلى أرض الواقع كثيرا ما تحصل هكذا جرائم وهي غالبا مثار انتباه الجميع، ولكن وللأسف لم ننتبه أبدا إلى وجود معاناة منظمة، ولم نشعر قط أننا نعيشها كل يوم في روتين حياتنا، ولم ندرك أبدا مدى أضرارها علينا؛ فالروتين منظم بشكل قاتل؛ قاتل للحياة, للراحة, للأمل وللحب (حب الوطن أو حب الآخرين لا فرق). 

فلسفة العذاب التي يمر بها المواطن العربي والمواطن العراقي على وجه الخصوص للحصول على حق ما أو إنجاز معاملة ما هي إلا سلسلة تعذيب تدعو لليأس والرغبة في الموت على أن يعيد الكرة ويفكر في إنجاز معاملة أخرى لأنه سيمر حتما بنفس الإجراءات الروتينية القاتلة، وسيرى الشخوص نفسها ولكن بأشكال وألوان وأزياء أخرى.
الاستغلال والإذلال والاحتقار والابتزاز ووو.. هو ما ينتظرك حتما في كل مرة تحاول فيها إنجاز معاملة أو استحصال حق من حقوقك، ومن المستغرب أن السادة المسؤولين قد مروا بمثل هذه المعاناة، ولكن لماذا لم يسعوا لتغييرها؟ علما أن حلولها تعد بسيطة جدا، وفي متناول اليد وغير مكلفة، فتعديل القوانين التي تمتد من فترة حكم الطاغية، وربما أبعد من ذلك إلى عشرينيات القرن الماضي وتفعيل دور الحكومة الالكترونية التي صرفت الدولة الملايين على إنشائها ليس بالأمر الجلل،
لذا يعد هذا السؤال محيرا هل يتعمدون أبقاءها أم انه ضعف في التخطيط وتخبط في الإدارة؟ إن المواطن تقبل وتحمل كل هذا العذاب ولمدة طويلة وأصبح كالمدمن عليه ورضخ لكل أنواع الفساد والإهمال والتسيب وفقد الأمل، والغريب أن شعبا ذكيا مثل الشعب العراقي لم يفكر على مدى أحد عشر عاما أن يطالب بتقليص أو تغيير روتين دوائر الدولة الذي أعُد خصيصا لتعذيب الشعب على أيادي النظام السابق بل نجده يستعمل الوساطات والرشوة وغيرها من الحلول المؤقتة التي هي بمثابة مسكن للآلام.
هذا الروتين السرطاني الذي ينخر عظامنا ويخنقنا كل يوم اصبح أكثر قوة من ذي قبل، لأننا صرنا نصونه بجبننا وندافع عنه باستسلامنا ونباركه بخوفنا وتهاوننا بحقوقنا.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

 


 


 


#buttons=(Accept !) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. اعرف المزيد
Accept !